
القرآن الكريم كتاب هداية
Table Of Content
القرآن الكريم كتاب هداية
بسم الله الرحمن الرحيم
((ان هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين)) . الآية ٩ سورة الإسراء
صدق الله العلي العظيم
كلنا كمسلمين نقرأ القرآن الكريم ونؤمن به ككتاب من رب العالمين نزل به جبرائيل عليه السلام على نبينا محمد صلى الله عليه و آله مصونا من كل نقص أو زيادة أو تهافت وتناقض بين آياته ومحميا من تدخلات الإنسان والجن وبمعنى أوضح من كل تحريف.
وبعد هذا الإيمان المطلق نرى الأمة الإسلامية المؤمنة بهذا الكتاب تنحو نحو الانحدار منذ وفاة رسول الله صلى الله عليه و آله تقريبا باستثناء فترات زمنية محدودة وفي أطراف بسيطة هنا وهناك ولا تعد بشيء أو يكون لها اعتبارا وذي قيمة لأمة مفترض أن تتصدر المواقع وتقود زمام الأمور وتقدم للبشرية السعادة الإلهية الأبدية من الأمن الإجتماعي والثقافي والغذائي والروحي وغيرها مما لها ارتباط بهذه السعادة الإلهية الموعودة وتخرجها من الشقاء والعذاب والعنا التي عانت منها طويلا نتيجة ارتباطها بالسلوك الشيطاني المخادع منذ أيامها الأولى في مسكنها الأولي أي الجنة وقد يتساءل البعض كيف يتم ذلك؟
فالجواب هو أن مقتضى الإيمان تصديق القرآن الكريم فيما أخبر . وهذه الآية الكريمة السالفة تخبرنا بأن القرآن – يهدي – للتي هي – أقوم – ويبشر المؤمنين -. تمعنوا النظر إلى العبارات واقرؤوها كلا على حدا لنجد في أن القرآن الكريم كتاب هداية فلماذا الضياع إذن؟
والأمر الثاني هذه الهداية ليست كأية هداية ، بل الهداية القرآنية هي الهداية الأكمل والأرقى في سلم درجات المدينة الفاضلة التي تصبوا إليها كل النظريات العلمية والفلسفية والفنية والأدبية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية . والقرآن الكريم كان له قصب السبق إلى أعلى درجات السعادة البشرية.
وثالثا أن القرآن كتاب بشارة والبشارة لا تكون إلا لأمر موجود ومطلوب وهو السعادة التي يسعى إليها الكل وإذا كان الأمر كذلك وهو كذلك بحسب عقيدتنا كمسلمين بهذه الرسالة فلماذا اذن كل هذا الشقاء والعنا الذي نراه في المسلمين قبل غيرهم؟
للإجابة عليه تعالوا نقرأ بعض الآيات القرآنية الأخرى المرتبطة بالموضوع
قال تعالى : ((قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو، ( العداوة بين الإنسان والشيطان ) فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى)). الآية ١٢٣ سورة طه
قال تعالى : ((ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين)). الآية ٨٩ سورة النحل
فهذه الآيات كما نرى شديدة الوضوح والشفافية .فإذا كان القرآن الكريم تبيانا لكل شيء فمن اللزوم أن تكون أمة الإسلام هي السباقة لكل المكتشفات العلمية وتكون المصدر لكل علم نافع بل مصدر خير والنفع العام لجميع البشر لأنها الأمة الوسطة والشاهدة على باقي الأمم . لا أن تتحول إلى مجرد جزاري الأمم وقاطعي الرؤوس بإسم مفهوم مشوه وهو مفهوم الجهاد أو تطبيق الشريعة . وهنا نتذكر أمرا طريفا وهو في إحدى الصحف المحلية لدولة خليجية معروفة نشرت خبرا من الوزارة الداخلية فيها تطلب موظفين جدد إسم الوظيفة- السياف- أي قاطعي الرؤوس بسبب كثرة المهام المنوطة بها لهؤلاء الموظفين – وبئسة الوظيفة.-. مع أن هذا السيف والسياف مسلطان فقط على رقاب فقراء ومساكين سكان ذلك البلد والوافدين إليه من الخدم ونرى الكثير من أبناء الأمة المخدوعين يصفق لها باعتبارها حامية الشريعة وحاملة لواء التوحيد.
نعم هكذا نجح بنو أمية ومن تسنن بسنتهم إلى تحريف الإسلام عن مساره بعيد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وحولوه إلى مفاهيم غير مفهومة وتحويل القرآن الكريم في حياة الأمة إلى كتاب ألف ليلة وليلة يتبارزون في حفظ متنه والتغني بقوافيه فأصبح لدى الأمة الإسلامية آلاف من أبنائه إن لم نقل الملايين يتباهون بمجرد حفظه والتجويد به وهم أنفسهم لا يحسنون شيئا آخر مفيدا بعد ذلك يقدمونه للمجتمعات التي يعيشون فيها او للحياة العامة.
بل قد يتحولوا إلى عبء على المجتمع لأنهم يقتاطون من صدقات المحسنين ويرضوا لأنفسهم بأن يكونوا صاحب اليد السفلى وحتى لو حاولوا تجميلها بإطلاق أسماء وعناوين وهمية عليها.
والخلاصة
القرآن الكريم يمثل خارطة الطريق في توجيه المسلمين إلى الإنتاج بدل الاتكال والعطاء والإيثار، بدل مد اليد ، والعمل الكثير الدائم بدل الكلام الكثير الخالي من الفائدة ، والدفع بالحسنى بدل الكراهية والعصبية، والتواصل بدل التشاحن والقطيعة والصدق والأمانة بدل الغش، ووو …
وهذه الصفات القرآنية الجميلة والهادفة تخلو منها معظم مجتمعات المسلمة المتباهية بالإسلام.
إذن المشكلة تكمن في المسلمين وليست في القرآن الكريم أو النبي الرحمة الذي بلغه بأكمل وجه وجاهد عترته الطاهرة من أهل بيته الأبرار لدفع البدع عن القرآن فقتلهم المسلمون،
وبعد ذلك تسلط عليهم ملوك فسقة وضعوا في بلاطهم علماء سوء أحلوا الحرام وحرموا الحلال ولبسوا فرو الدين مقلوبا تركوا لنا من بعدهم أديانا لا دينا واحدا وفرقا ومذاهبا ملؤوها كراهية وبغضا وقطيعة بفتاوى باسم الدين وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
بسم الله الرحمن الرحيم
((وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا)).
صدق الله العلي العظيم
الشيخ محمد نيانغ
الأمين العام لمجلس علماء أهل البيت (ع) في السنغال