أبرز مصاديق طهارة الصلاة هي الوضوء

بسم الله الرحمن الرحيم

قال رسول الله صلى الله عليه و آله
لا يقبل الله صلاة بغير طهور .

وأبرز مصاديق طهارة الصلاة هي الوضوء. لذا كان النبي صلى الله عليه و آله يقوم بتعليم أصحابه به بكل الوسائل – السمعية والبصرية- ويتوضأ أمامهم جهارا ويوميا.
وزيادة على ذلك نزل به القرآن الكريم بآيات محكمات واضحات في قوله تعالى ((يا أيها الذين امنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وايديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وارجلكم إلى الكعبين)) صدق الله العلي العظيم.
وكان المفروض أن تتوارثها الأجيال خلفا عن سلف كما هو بلا أدنى إختلاف فيه. ولكن مع الأسف الشديد وصل إلينا كباقي العبادات مشوها تتضاربه الآراء وكاد الاختلاف فيه ينسفه من الأساس وأصبح هو أيضا من معوقات الأمة الإسلامية في مسيرتها بعدما صرفوا وقتا طويلا لا لزوم له في البحث عن أقرب طريق يؤدي إلى معرفة الوجه الصحيح أو الأقرب لوضوء رسول الله صلى الله عليه وآله بعد ضياعه في ظلمات بحار الأهواء كذي مقدمتها أي الصلاة التي ضاعت أيضا من أيدي المسلمين حسب أنس بن مالك في قوله في الشام : (ما اعرف شيئا مما كان على عهد النبي ص قيل: الصلاة؟)) قال: أليس ضيعتم ما ضيعتم فيها؟).

———-
وهذا البحث ليس بحثا فقهيا أو مذهبيا إنما هو بحث روائي واستقصاء بعض أقوال المفسرين حول هذه المسألة لإلقاء نظرة وتشجيع الباحثين ونقول وبالله التوفيق وبه نستعين.

اختلف المسلمون في حكم القدمين في الوضوء فذهب جمهور أهل السنة والجماعة إلى وجوب غسلهما اعتمادا  على ما يلي:
أولا : تأويل آية الوضوء بأن العطف في الأرجل يعود إلى الغسل في الوجه في وجوب غسلهما.

وثانيا : الاعتراف بالمسح ولكن يراد به الغسل الخفيف لأن الرجل مظنة الإسراف

ثالثا : إرادة المسح إن كان في الرجلين خف.

الحديث المنقول من النبي صلى الله عليه و آله “ ويل للاحقاب من النار، اسبغوا“.
وهذه الوجوه هي العمدة وأهم دليل لهم في المسألة وهي كما ترى
——
والقول الثاني في المسألة هو ما ذهب إليه داود الأصفهاني من وجوب الجمع بين الغسل والمسح في الأرجل وهو قول الناصر للحق من أئمة الزيدية
——-
والقول الثالث في المسألة هو ما ذهب إليه الحسن البصري ومحمد بن جرير الطبري من التخيير بين الغسل أو المسح تنزيلا للآية منزلة الآيتين.
——-

القول الرابع في المسألة هو وجوب مسح القدمين وهو مذهب جمهور الشيعية واطبق عليه الإمامية الاثنا عشرية من الشيعة
وقد استدلوا على ما ذهبوا إليه

1- بظاهر آية الوضوء

2- بالروايات الكثيرة التي عن طرق أئمة أهل البيت عليهم السلام وعن طرق غيرهم.
وبما أن بحثنا كما قلنا والتزمنا ليس بحثا مذهبيا لذلك ساقتصر بذكر الروايات التي رويت عن غير طرق أهل البيت عليهم السلام.

الرواية الأولى
” أخرج البيهقي في سننه عن رفاعة بن رافع أن رسول الله صلى الله عليه و آله قال للمسيء صلاته (( إنها لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله بغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح برأسه ورجلين إلى الكعبين)).

ثانيا : وعن أوس إبن أبي أوس قال رأيت رسول الله صلى الله عليه و آله أتى إلى سباطة قوم فتوضأ ومسح على قدميه.

وثالثا : عن ما روي عن كبار المفسرين من أصحاب الرسول صلى الله عليه و آله وبعض التابعين

– أخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن ماجه عن عن ابن عباس قال : أابى الناس إلا الغسل ولا أجد في كتاب الله إلا المسح.
(در المنثور للسيوطي )
– أخرج عبد الرزاق وابن جرير عن ابن عباس قال: الوضوء غسلتان ومسحتان.
– وأخرج عبد الرزاق وعبد ابن حميد عن ابن عباس قال: افترض الله غسلتين ومسحتين ألا ترى أنه ذكر التيمم فجعل مكان الغسلتين مسحتين وترك المسحتين.
( در المنثور للسيوطي )
– وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد ابن حميد وابن جرير عن الشعبي قال: أنزل جبرائيل بالمسح على القدمين ألا ترى أن التيمم أن يمسح ما كان غسلا ويلغى ما كان مسحا.

– وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد ابن حميد وابن جرير عن أنس أنه قيل له أن الحجاج خطب وقال
اغسلوا وجوهكم وايديكم وامسحوا برؤوسكم وارجلكم وأنه ليس شيء من ابن آدم أقرب إلى الخبيث من قدميه فاغسلوا بطونهما وظهورهما وعراقيبهما:
فقال أنس صدق الله وكذب الحجاج قال الله وامسحوا برؤوسكم وارجلكم ))
وكان أنس إذا مسح قدميه بلهما
((در المنثور للسيوطي ))

– وأخرج الطبراني في الأوسط عن عباس أنه قال: ذكر المسح على القدمين عند عمر وسعد وعبد الله بن عمر فقال عمر سعد أفقه منك فقال عمر يا سعد إنا لا ننكر أن رسول الله صلى الله عليه  وآله مسح ولكن هل منذ أنزلت سورة المائدة فإنها أحكمت كل شيء وكانت آخر سورة نزلت من القرآن إلا براءة. قال: فلم يتكلم أحد.

– وكان عكرمة يمسح رجليه وقال ليس في الرجلين غسل إنما نزلت فيهما المسح

– وقال قتادة افترض الله غسلتين ومسحتين.

– وكان كل من أنس بن مالك وعكرمة وابن عباس والشعبي ومحمد بن علي الباقر يقولون بالمسح.
وهذه جزء من روايات تتجاوز نيفا وعشرين ذكرت منها ما يغني عن الباقي.
وفي الختام كما قلت واسلفت فلست في صدد بحث المسألة عن جوانبها الفقهية ولا عن جوانبها المذهبية ولا لتحدي أحد من أهل لا إله الا الله بل مجرد محاولة بسيطة لإلقاء نظرة وتحريك المياه الجامدة ولعلنا نجد عالما مخلصا للإسلام والمسلمين يعيننا على توضيحه.
ونسأل الله الرحمة والمغفرة لي ولجميع المسلمين